الإسقاط النجمي

 الإسقاط النجمي



 الإسقاط النجمي، المعروف أيضًا بالإسقاط الأثيري أو تجربة الخروج من الجسد، هو عملية يتم فيها فصل الوعي عن الجسد والسفر إلى واقع غير مادي يُعرف بالمستوى النجمي. يختلف الإسقاط النجمي عن الأحلام، حيث إن الأحلام تمثل تجربة ذاتية داخلية تتيح خلق إمكانيات لا حصر لها، بينما الإسقاط النجمي هو تجربة موضوعية خارجية تتعلق بمستويات وجود فعلية تخضع لقوانين وقيود مشابهة لتلك الموجودة في المستوى المادي. 


في تجربة الإسقاط النجمي، يمكن للمرء أن يشعر بأنه يترك جسده، ويقف بجانبه ليرى جسده المادي، ثم يطير بين السحاب، أو يزور بلدانًا أخرى، أو يستكشف الفضاء، وغيرها من التجارب.


أما بالنسبة لفكرة الإسقاط النجمي، فيرى بعض المؤمنين أنها تمثل البعد الخامس للطبيعة، الذي يتجاوز الزمان والمكان. ومع ذلك، تبقى هذه الفكرة نظرية قيد البحث والدراسة، ويُعتقد أنها قد تساعد في فهم الكون بشكل أفضل.


عادةً ما يتطلب الإسقاط النجمي جهدًا مقصودًا لنقل الوعي خارج الجسد.

فسر عالم النفس دونوفان راتكليف في كتابه "علم نفس السحر والتنجيم" أن الإسقاط النجمي يُعتبر نوعًا من الوهم والهلوسة والأحلام الواضحة. 


يمكن أن تحدث تجربة الإسقاط النجمي في واحدة من ثلاث حالات: الأولى هي الحالة العفوية، حيث تحدث دون أي تخطيط أو تقنيات أو معرفة مسبقة. الثانية هي الحالة القسرية، مثل تجارب الاقتراب من الموت، كما يحدث في حالات الغيبوبة. أما الثالثة، فهي الحالة المقصودة، حيث يتم ذلك بإرادة الشخص الكاملة.

تجارب لأشخاص يدّعون أنهم عاشوا تجربة الإسقاط النجمي:


قمنا بتقديم ثلاث تجارب لأفراد مختلفين، مع الإشارة إلى أنه لا يمكن اعتبارها حقائق مؤكدة، بل تم نقلها كما وردت من أصحابها:


**التجربة الأولى:**


تروي صاحبة التجربة أنها لم تكن على دراية بظاهرة الإسقاط النجمي حتى عاشت تجربتها الخاصة. في صباح أحد الأيام، كانت نائمة بعمق، وفجأة سمعت صوت جرس الباب. نهضت لفتح الباب، لكنها شعرت وكأنها لا تمشي على الأرض، بل كانت خفيفة للغاية لدرجة أن الهواء بدا أثقل منها. سألت عن الطارق، لكن لم يرد عليها أحد. عادت إلى سريرها لتتفاجأ برؤية جسدها مستلقياً على السرير، مما جعلها تظن أنها قد توفيت. أغمضت عينيها بسرعة ثم فتحتهما مجددًا، لتجد نفسها في جسدها مرة أخرى. وعادت لتسمع صوت الجرس يرن مرة أخرى، وكان والدها هو الطارق، حيث أخبرها أنه كان يطرق الباب منذ فترة دون أن يجيبه أحد.


**التجربة الثانية:**


تقول صاحبة التجربة إنها استيقظت في الصباح حوالي الساعة السادسة للقيام ببعض الأعمال. وعندما حان الوقت السابعة والنصف، شعرت بالتعب وقررت العودة إلى النوم. شعرت بالاسترخاء التام في جسدها بينما كان ذهنها مستيقظًا. وفي النهاية، تعرضت لشلل النوم، لكن هذه المرة لم تشعر بالخوف المعتاد. حاولت أن تطفو، ولدهشتها شعرت بأنها ترتفع في الهواء.


حاولت الالتفاف والنظر إلى جسدها، وعندها شعرت بأنفاس شخص آخر. في البداية، اعتقدت أنه كيان غريب مما جعلها تشعر بالقشعريرة، لكنها حافظت على هدوئها بشكل مدهش. ثم أدركت أنها كانت تسمع نفسها تتنفس! وعندما استيقظت، نظرت إلى جسدها لكنها لم تتمكن من رؤية التفاصيل بوضوح، حيث كان كل شيء ضبابيًا، خاصة في جانبها الأيسر. وبعد فترة قصيرة، استيقظت تمامًا.

**التجربة الثالثة:**


يقول صاحب التجربة: "كنت أعيش حلمًا غريبًا أستطيع التحكم فيه بالكامل. سارت الأمور بشكل طبيعي، ولكن أثناء خروجي من الحلم واستيقاظي، شعرت بشيء غريب يشبه الارتفاع. حاولت العودة إلى الحلم والبقاء فيه، لكن الصورة تشوشّت، ووجدت نفسي واقفًا في غرفة نومي دون أي إحساس بجسدي أو وزني، باستثناء الرؤية التي كانت واضحة تمامًا. رأيت كل شيء كما هو دون أي تشويش، وكأنني أشع نورًا مثل ضوء الشمس أو النار. لاحظت انعكاس الضوء على الجدار، لكن لم يكن لدي جسم. من شدة الدهشة والخوف، تشوش الأمر أكثر، وشعرت أنني أنسحب، ثم استيقظت."


**الإسقاط النجمي وظاهرة شلل النوم:**

تُعرف ظاهرة شلل النوم، أو حركة العين السريعة، بأنها حالة مؤقتة من عدم القدرة على الحركة أو التحدث أثناء النوم، رغم أن الوعي يكون مستيقظًا. يُطلق عليها البعض اسم "الجاثوم". 


قد تحدث بعض الهلوسات في هذه المرحلة، مثل سماع أصوات غريبة أو رؤية أشياء مخيفة. يُعتقد أن هذه الظاهرة قد تكون مدخلًا للإسقاط النجمي. ويقول المؤمنون بهذه النظرية إنه إذا تمكن الشخص الذي تعرض لتجربة الجاثوم من التغلب على مخاوفه وتحريك يده أو قدمه، واستطاع تجاوز هذه الهلوسات، فإنه يمكنه التحكم في وعيه والانتقال إلى أي مكان.


**الإسقاط النجمي وتجربة الاقتراب من الموت:**

يختلف الإسقاط النجمي عن تجربة الاقتراب من الموت. على الرغم من أن الظاهرتين يمكن تصنيعهما كتجارب للخروج من الجسد، إلا أن تجربة الاقتراب من الموت تُعتبر تجربة حصرية تحدد مصير الوعي، سواء كان يرغب في مغادرة الحياة المادية أو البقاء فيها. بينما الإسقاط النجمي هو عملية اختيارية أو عفوية تحدث لأسباب متعددة، ولكن ليس بسبب الموت.

**رأي العلم في الإسقاط النجمي**


يعتبر العلم الإسقاط النجمي مجرد تخيلات وهلوسات لا تستند إلى أي أساس علمي، حيث يُعتقد أنها ناتجة عن تحفيز مفرط للدماغ. على سبيل المثال، قد يستخدم الشخص منبهاً لمساعدته على العودة من "العالم الآخر"، مما يحفز دماغه على تخيل هذا العالم، ويؤدي إلى إجهاد عضلي زائد قد يسبب مشاكل صحية خطيرة. 


قام العلماء بدراسة المعلومات التي قدمها أشخاص يدّعون أنهم متمرسون في الإسقاط النجمي، مثل الخبير إنجو سوان، الذي زعم أنه زار كوكب المشتري بروحه في عام 1978، وقدم 65 معلومة غير معروفة عن الكوكب. وعند التحقق من هذه المعلومات، وُجد أن 30 منها كانت خاطئة و11 صحيحة، لكنها كانت موجودة في كتب سابقة، بينما لم يكن بالإمكان التحقق من باقي المعلومات باستثناء واحدة صحيحة. وبناءً على عدم صحة تجارب هؤلاء الممارسين، فشلت نظرية الإسقاط النجمي في إثبات صحتها علمياً.


**الإسقاط النجمي والأديان**


تتباين الآراء حول ظاهرة الإسقاط النجمي بين الأديان المختلفة. فالأديان السماوية مثل الإسلام والمسيحية واليهودية تعتبر الإسقاط النجمي ممارسة غير مرغوب فيها، بل قد تُعتبر نوعاً من الشعوذة والسحر، حيث تركز هذه الأديان على الإيمان بإله واحد وترفض فكرة تأثير النجوم أو الأبراج على حياة البشر.


على النقيض، ترى بعض الديانات مثل الهندوسية والبوذية في الإسقاط النجمي جزءاً من فهم الكون والتنبؤ بالأحداث. الهندوسية، على وجه الخصوص، تعطي أهمية كبيرة لعلم التنجيم والفلك في تفسير الظواهر الكونية. كما أن بعض المعتقدات الأخرى مثل الوثنية والشمانية تتبنى ممارسات مرتبطة بالإسقاط النجمي والتنبؤ بالمستقبل من خلال النجوم.


بشكل عام، يختلف موقف الأديان من هذه الظاهرة بشكل كبير، حيث تعتبرها بعضها ممارسة غير مشروعة، بينما تراها أخرى جزءاً طبيعياً من فهم الكون.


**الإسقاط النجمي والسينما**


تتناول العديد من الأعمال التلفزيونية والأفلام السينمائية تجربة الإسقاط النجمي بطرق علمية أو خيالية، وأحياناً مرعبة. من بين هذه الأعمال، يُعتبر مسلسل "Behind Her Eyes" الذي صدر في عام 2021 من أبرزها. كما تناولت أفلام مثل "Insidious" و"Doctor Sleep" و"Inception" و"Psychic Killer" و"Dream Demon" هذه التجربة أيضاً. بالإضافة إلى ذلك، هناك فيلم أنمي بعنوان "Over the Sky" الذي يدور حول هذه التجربة.

**خاتمة**

في الختام، يمكن القول إن الإسقاط النجمي هو موضوع يصعب إثباته علمياً. فلا توجد دراسات موثوقة تثبت صحة هذه التجارب، ولا دليل قاطع على وجود هذه القدرة الخارقة لدى البشر. ومع ذلك، يستمر البعض في الإيمان بوجود هذه القدرة، مستندين إلى تجارب شخصية أو روايات غير مؤكدة. من المهم الاعتماد على الأدلة العلمية الموثوقة قبل قبول مثل هذه الادعاءات.


**ملاحظة:** هذه المقالة كُتبت لأغراض تعليمية فقط، بهدف نشر الثقافة والعلم.

تعليقات